بقلم مدير برنامج أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة العفو الدولية ،جون دالهوزين، 16 يونيو/حزيران 2015
بعد أربع ساعات من الاستجواب من قبل رجال أمن تناوبوا على التحقيق معي في مكتب لا يحمل أي علامات تميزه عن غيره في الطابق الثالث من مقر الإدارة العامة للأمن الوطني في وسط العاصمة الرباط، ألقى ضابط أمن ورقة على الطاولة وأعطاني قلما وقال لي “من فضلك وقِّع عليها”. إنه أمر طردي من المغرب، ويقضي بترحيلي فورا من البلد على أساس أنني أشكل “تهديدا للنظام العام”.
اعتقلت من الفندق الذي كنت أقيم فيه في الظهيرة أو نحو ذلك، وصادر أفراد الأمن هاتفي المحمول وجواز سفري. على بعد مئات الأميال من الرباط، اعتقلت واستجوبت زميلتي من منظمة العفو الدولية التي كانت في مهمة لإنجاز بحث بشأن أوضاع حقوق الإنسان بالنسبة إلى المهاجرين واللاجئين.
وفي وقت لاحق من ذلك المساء، قادنا أفراد الأمن إلى المطار بهدف ترحيلنا على رحلتي طيران مختلفتين إلى لندن وباريس. إن المغرب بطرده موظفي منظمة العفو الدولية، فإنما ينضم إلى قائمة طويلة وشائنة من البلدان التي طردت موظفي منظمة العفو الدولية وتتراوح ما بين إريتريا وإندونيسيا. إن قائمة البلدان التي منعت موظفي منظمة العفو الدولية من الدخول إليها لا تزال طويلة. في هذا الشهر فقط، منعت الإمارات العربية المتحدة في المطار خبيرا في منظمة العفو من الدخول إليها إذ كان من المقرر أن يشارك في مؤتمر يُعقد هناك. وكذلك، أخبرت السلطات في أذربيجان موظفين في منظمة العفو الدولية كانا يستعدان لإطلاق تقرير بشأن البلد أنهما غير مرحب بهما.
إن طردنا يوم الخميس ليس أول مرة يتم فيه عرقلة عمل منظمة العفو الدولية في المغرب إذ سبق للسلطات هناك أن فرضت حظرا شاملا على أنشطة منظمة العفو الدولية في أوائل التسعينيات من القرن العشرين. ورغم أن السلطات المغربية رفعت هذا الحظر في عام 1993، فإن العلاقة معها تدهورت بشكل بارز السنة الماضية بعدما أصدرنا تقريرا يحمل عنوان “حملة أوقفوا التعذيب”. قدم هذا التقرير تفاصيل بشأن استخدام التعذيب في المغرب، وخلص إلى أنه رغم تجريمه بشكل واضح منذ عام 2006 وحظره بموجب مقتضيات الدستور الجديد المعتمد في عام 2011، فإنه لا يزال مستمرا بحيث يكون الجناة عمليا في مأمن كامل من العقاب.
وتواجه منظمات حقوق الإنسان التي تنتقد سجل الحكومة المغربية في مجال حقوق الإنسان قيودا متزايدة على نشاطاتها منذ النصف الثاني من عام 2014 إذ حظرت السلطات المغربية عدة فعاليات عامة واجتماعات داخلية كانت تنوي عقدها منظمات حقوق الإنسان المختلفة.
جون دالهوزين، مدير برنامج أوروبا وآسيا الوسطى في منظمة العفو الدولية
وفي الشهور الأخيرة، مُنِعَ صحفييْن يعملان في مجال الصحافة الاستقصائية من ممارسة عملهما من قبل وزارة الداخلية المغربية في حين يقبع الصحفي، هشام منصوري الذي تعتبره منظمة العفو الدولية سجين الضمير، في السجن إذ يقضي حاليا عقوبة لمدة عشر أشهر بعد إدانته بالتواطؤ في ارتكاب الزنا، لكننا نخشى من أن يكون عقابه بسبب عمله.
وفي الشهور الأخيرة، مُنِعَ صحفييْن يعملان في مجال الصحافة الاستقصائية من ممارسة عملهما من قبل وزارة الداخلية المغربية في حين يقبع الصحفي، هشام منصوري الذي تعتبره منظمة العفو الدولية سجين الضمير، في السجن إذ يقضي حاليا عقوبة لمدة عشر أشهر بعد إدانته بالتواطؤ في ارتكاب الزنا، لكننا نخشى من أن يكون عقابه بسبب عمله.
سافرنا إلى المغرب من أجل التحقيق في كيفية معاملة اللاجئين والمهاجرين الذين يحاولون الدخول إلى جيبي سبتة ومليليه الإسبانيين المحاطين بسياج. وهناك تقارير تفيد بتعرض هؤلاء اللاجئين والمهاجرين عند هذه الحدود لعمليات دفع إلى الوراء بطريقة غير قانونية من قبل حرس الحدود الإسبان ولسوء المعاملة من قبل السلطات المغربية التي يثني الاتحاد الأوروبي على تعاونها الفعال في مجال الهجرة.
وتعهد المغرب بإجراء تغييرات شاملة وإيجابية في معظمها على سياسات الهجرة المتبعة في البلد بما في ذلك إنشاء نظام وطني للبت في طلبات اللجوء تكون له أهمية بالغة. هناك الكثير مما يمكن الثناء عليه لكن بمنع باحثيْن من منظمة العفو الدولية من إجراء البحث، فإن الشكوك تظل قائمة على أن معاملة المهاجرين واللاجئين الذين تعتقلهم السلطات المغربية ليست كما ينبغي أن تكون.
“اتسمت طريقة معاملتي على يد الشرطة المغربية بالأدب لكنها كانت حازمة. عندما قادني أفراد الشرطة خارج مقر الإدارة العامة للأمن الوطني ليدخلوني في السيارة التي ستنقلني إلى المطار، حدق ضابط بملابس مدنية رافقني معظم اليوم في عيني وقال لي “إن المغرب سيقوم بالأمور على طريقته. لا نريد أن يأتي إلينا ناس مثلك و يتدخلوا في شؤوننا ويقولوا لنا ما نقوم به.”
عندما كنت في صالة المغادرين يحيط بي شرطيان، أعدت التفكير في قرار الإبعاد الذي يمنعني “لأجل غير مسمى” من العودة إلى المغرب. ورغم أن قرار الطرد ينطوي على أسى شخصي بالنسبة إلي، فإنه يظل أكثر أهمية مؤشرا على أن فضاء الحوار البناء بشأن سجل البلد في مجال حقوق الإنسان يشهد تراجعا.