تونس: يتعين على السلطات الإفراج فورًا عن المحامي المُحتجز أحمد صواب

قبيل بدء محاكمة المحامي البارز والمدافع عن حقوق الإنسان أحمد صواب في 31 أكتوبر/تشرين الأول في تونس العاصمة، قالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية:

“يواجه أحمد صواب تهمًا لا أساس لها تنطوي على أحكام شديدة بالسجن، من بينها ‘تكوين وفاق بقصد ارتكاب جرائم إرهابية’، و’نشر أخبار كاذبة’، لمجرد ممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير وأداء واجباته المهنية كمحامٍ حقوقي. ويأتي اعتقال أحمد صواب وملاحقته القضائية التي تبعت ذلك انتقامًا من انتقاده لعدم اتباع الإجراءات القانونية الواجبة وعدم استقلال المحكمة، وذلك في ما يخص ‘قضية التآمر’، التي كان يمثّل فيها ثلاثة متهمين.

ما كان ينبغي بتاتًا احتجاز أحمد صواب في المقام الأول، ناهيك عن ملاحقته قضائيًا.

هبة مرايف

 “ما كان ينبغي بتاتًا احتجاز أحمد صواب في المقام الأول، ناهيك عن ملاحقته قضائيًا. تُشكل قضيته مثالًا مروعًا على الممارسات الاستبدادية الأوسع نطاقًا التي تنتهجها السلطات التونسية لاستهداف المنتقدين والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين يتجرأون على التحدث ضد الانتهاكات المستمرة لاستقلالية القضاء وسيادة القانون وتمادي السلطة التنفيذية في التجاوزات. تستخدم السلطات تهمًا زائفة بـ”الإرهاب” ذريعة لقمع المعارضة السلمية، وفرض قيود مشددة على الحق في المحاكمة العادلة، وخلق مناخ متفش من الخوف. ويجب أن يتوقف هذا الاستخفاف بالعدالة.

 “يجب على السلطات التونسية إطلاق سراح أحمد صواب فورًا ودون قيد أو شرط، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليه الي لا أساس لها. ويجب عليها الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، ووقف استهداف المحامين بسبب دفاعهم عن موكليهم أو انتقادهم للقضاء.  ويتعين عليها أن تلتزم بسيادة القانون، بما في ذلك استقلالية القضاء، وأن تسمح للمحامين بأداء مهامهم المهنية بحرية ومن دون أي مضايقة أو ترهيب أو تدخل غير مشروع.

خلفية

أحمد صواب هو محام تونسي بارز ومدافع عن حقوق الإنسان معروف بانتقاده الصريح لانتهاكات الحق في المحاكمة العادلة، وتدخُل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء وعرقلة استقلاليته، لا سيما في ظل حكم الرئيس قيس سعيّد. وقد عمل قبلًا قاضيًا في المحكمة الإدارية وهو أحد المنتقدين الصريحين لتفكيك سيادة القانون بعد استيلاء الرئيس سعيّد على السلطة في جويلية/تموز 2021.

ودافع صواب عن عدد من ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان البارزين، من بينهم معارضون سياسيون ونُشطاء في “قضية التآمر“، التي تُعد المثال الأبرز على الممارسات الاستبدادية الأوسع نظاقًا، بما في ذلك قمع المعارضة السياسية وتقويض استقلالية القضاء وسيادة القانون في تونس. وكانت محكمة جنائية في تونس العاصمة قد أصدرت، يوم 19 أفريل/نيسان، أحكامًا قاسية بالسجن تراوحت بين أربعة أعوام و74 عامًا بحق 37 شخصًا، من بينهم شخصيات سياسية معارضة بارزة، ومحامون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، على خلفية تُهم لا أساس لها بـ “التآمر”.   وقد أدين المتهمون لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية. وقد شابت محاكمتهم انتهاكات إجرائية وجوهرية، وتجاهلٌ صارخ لحقوق الدفاع، واستندت إلى تهم لا أساس لها.

وتُعقد جلسة محاكمة أحمد صواب دون حضوره الشخصي، إذ أن المحكمة مددت قرارها بإجراء محاكمات قضايا الإرهاب عن بُعد مستندةً إلى مخاوف مبهمة بوجود “خطر وشيك” ويرفض صواب حضور جلسة محاكمته عن بعد، ويُصر على التواجد الشخصي في المحكمة خلال محاكمته للدفاع عن نفسه. ولا يوجد تبرير لحرمان محتجزين من حقهم في الحضور الشخصي إلى المحكمة للطعن في قانونية احتجازهم. ويتعارض حرمان المحتجزين من هذا الحق أيضًا مع متطلبات احترام القانون الخاص بالإجراءات القانونية الواجب اتباعها، فهو يقوّض مثلًا قدرتهم على المشاركة الفعّالة في مجريات المحاكمة ومتابعتها وقدرتهم على أن يُسمعوا من دون عوائق تقنية. ويتعارض هذا الحرمان مع مبادئ الإجراءات القانونية الواجبة المكفولة بموجب المادة 7 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية اللذين تشُكل فيهما تونس دولة طرف.

وجاء اعتقال أحمد صواب في 21 أفريل/نيسان 2025، بعد يومين فقط من تحدّثه في مؤتمر صحفي حيث انتقد غياب معايير المحاكمة العادلة في المحاكمة الخاصة بـ”قضية التآمر”، وذلك بصفته محامي دفاع ثلاثة من المتهمين في القضية.  بعد اعتقاله، احتجزته السلطات بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 48 ساعة قبل أن يصدر قرار احتجازه قيد الايقاف التحفظي. وقد وثقت منظمة العفو الدولية نمطًا مقلقًا من إساءة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لقمع المعارضة السلمية، وتوجهًا مُتزايدًا نحو استهداف المحامين الذين يمثلون نشطاء ومجموعات معارضة سياسية في تونس.

على سبيل المثال، تواجه المحامية دليلة مصدق المحاكمة في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 إلى جانب الصحفي برهان بسيس بسبب تعليقات أدلت بها في برنامجه التلفزيوني قبل عامين دفاعًا عن موكليها المحتجزين في إطار “قضية التآمر” الشهيرة. في المقابلة التي أُجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قالت مصدق إن التهم الموجهة إلى موكليها لا أساس لها وأن القضية ”مفبركة“. وبعد يومين، فتحت النيابة العمومية تحقيقًا ضد مصدق وبسيس بموجب المرسوم عدد 54 متهةً إياهما بنشر ”أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة“، ثم أحالتهما إلى المحاكمة.   

يقع على عاتق السلطات التونسية التزامات قانونية بموجب المادة 7 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللذين تشُكل فيهما تونس دولة طرف، بضمان أن يشمل الحق في المحاكمة العادلة حق المتهم في أن يدافع عنه محام يختاره بنفسه.

بالمثل، ووفقًا للمبدأ 16 من المبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن دور المحامين، ينبغي “عدم تعريضهم[المحامين] ولا التهديد بتعريضهم، للملاحقة القانونية أو العقوبات الإدارية والاقتصادية وغيرها نتيجة قيامهم بعمل يتفق مع واجبات ومعايير وآداب المهنة المعترف بها”.  وينص المبدأ 20 من هذه المبادئ الأساسية على أن “يتمتع المحامون بالحصانة المدنية والجنائية بالنسبة للتصريحات التي يدلون بها بنية حسنة، سواء كان ذلك في مرافعاتهم المكتوبة أو الشفهية أو لدى مثولهم أمام المحاكم”.