في كل يوم وفي جميع أنحاء العالم ثمة أشخاص يتخذون أحد أصعب القرارات في حياتهم: وهو مغادرة بلدانهم بحثاً عن حياة أفضل وأكثر أماناً.
وقد مر معظم الناس في العالم بتجربة مغادرة المكان الذي ترعرعوا فيه. ولربما يقتصر ترحالهم على القرية أو المدينة الأقرب إليهم. ولكن الأمر مختلف بالنسبة لآخرين، إذ ربما يضطرون إلى مغادرة أوطانهم كلياً- أحياناً لفترة وجيزة، ولكن أحياناً إلى الأبد.
ثمة أسباب عدة لارتحال الأشخاص في شتى أنحاء العالم ليعيدوا بناء حياتهم في بلد مختلف. فبعضهم يغادر دياره بحثاً عن وظيفة أو طلباً للعلم. وهناك آخرون يُرغمون على الفرار من ديارهم هرباً من انتهاكات حقوق الإنسان، كالتعذيب والاضطهاد، أو من نزاع مسلح أو أزمة وعنف من نوع آخر. والبعض لا يعودون يشعرون بالأمان أو ربما يُستهدفون بسبب مَن هم وما يفعلونه أو يؤمنون به – وعلى سبيل المثال بسبب الانتماء العرقي أو الدين أو الميول الجنسية أو الآراء السياسية.
ويمكن لعمليات الارتحال هذه، التي عادة ما يرافقها أمل في حياة أفضل، أن تكون محفوفة بالمخاطر والخوف. فبعض الأشخاص يقعون ضحايا للاتجار بالبشر وغيره من أشكال الاستغلال. بينما تعتقل سلطات البلد الجديد البعض فور وصولهم. وما إن يبدأ هؤلاء بالاستقرار وببناء حياة جديدة، حتى يواجه العديد منهم، في حياتهم اليومية، العنصرية ورهاب الأجانب والتمييز.

لماذا يغادر الناس أوطانهم؟
ثمة أسباب عديدة تجعل من بقاء الأشخاص في بلدانهم أمراً في غاية الصعوبة أو الخطورة. وعلى سبيل المثال، يفر الأطفال والنساء والرجال من العنف والحرب والجوع والفقر المدقع، أو بسبب ميولهم أو هويتهم الجنسية، أو جراء الظروف المترتبة على تغير المناخ أو غيره من الكوارث الطبيعية. وكثيراً ما يتظافر العديد من هذه الظروف الصعبة ويدفع الأشخاص إلى المغادرة.
ولا يغادر الأشخاص بلدانهم دائماً للهرب من المخاطر. فقد يعتقدون أن فرصهم أفضل في أن يجدوا عملاً في بلد آخر، لأنهم متعلمون أو يملكون رأس المال اللازم للعثور على الفرص في مكان آخر. وقد يرغب آخرون في اللحاق بأقارب أو أصدقاء لهم يعيشون في الخارج. أو ربما يسعون إلى بدء تعليمهم أو إكماله في بلد آخر. فهناك العديد من الأسباب المختلفة التي تدفع الأشخاص إلى الانطلاق في رحلتهم لبدء حياة جديدة في بلد جديد.
تعريفات: مَن هو اللاجئ وطالب اللجوء والمهاجر بالضبط؟
تُستخدم تعابير “اللاجئ” و”طالب اللجوء” و”المهاجر” في وصف أشخاص ارتحلوا من مكان إلى الآخر، وغادروا أوطانهم واجتازوا حدودها.
وكثيراً ما يُستخدم تعبيرا “مهاجر” و”لاجئ” ليعني كل منهما الآخر، ولكن من المهم التمييز بينهما نظراً للفارق القانوني لوضع كل منهما.
من هو اللاجئ؟
اللاجئ هو الشخص الذي فرَّ من بلده جراء خطر التعرَّض لانتهاكات خطيرة لحقوقه الإنسانية وللاضطهاد. حيث تكون المخاطر التي تتهدد سلامته وحياته قد بلغت حد اضطراره إلى أن يختار المغادرة وطلب السلامة خارج بلاده، لأن حكومة بلده غير قادرة أو غير راغبة في توفير الحماية له. وللاجئ الحق في التمتع بالحماية الدولية.
من هو طالب اللجوء؟
طالب اللجوء هو الشخص الذي غادر بلده سعياً وراء الحصول على الحماية من الاضطهاد والانتهاكات الخطيرة لحقوقه الإنسانية في بلد آخر، ولكن لم يتم بعد الاعتراف به كلاجئ رسمياً، وينتظر البت بشأن طلبه للجوء. وطلب اللجوء حق إنساني. وهذا يعني أنه ينبغي السماح لكل شخص بدخول بلد آخر لالتماس اللجوء.
من هو المهاجر؟
ليس هناك تعريف متفق عليه دولياً للمهاجر. ولكن فَهمنا في منظمة العفو الدولية لمن هم المهاجرون، مثل معظم الهيئات والمنظمات، هو أنهم الأشخاص المقيمون خارج بلدانهم الأصلية، من غير طالبي اللجوء أو اللاجئين.
فبعض المهاجرين يغادرون بلدانهم سعياً وراء العمل أو الدراسة، أو للالتحاق بعائلاتهم، على سبيل المثال. بينما يشعر آخرون أن عليهم المغادرة بسبب الفقر أو الاضطرابات السياسية أو عنف العصابات أو الكوارث الطبيعية أو غير ذلك من الظروف الخطيرة التي تحيط بهم.
ولا ينطبق على كثير من الأشخاص التعريف القانوني للاجئ، ولكنهم رغم ذلك سيكونون عرضة للمخاطر إذا ما عادوا إلى أوطانهم.
ومن الأهمية بمكان فهم أن عدم فرار المهاجرين من الاضطهاد لا يحرمهم من حق التمتع بالحماية لحقوقهم الإنسانية واحترامها، بغض النظر عن وضعهم في البلدان التي انتقلوا إليها. ويتعين على جميع الحكومات أن تحمي جميع المهاجرين من العنف العنصري ورهاب الأجانب، ومن الاستغلال وعمل السخرة. ولا ينبغي أبداً احتجازهم أو إعادتهم قسراً إلى بلدانهم، إلا لأسباب مشروعة.
حقائق مهمة

ما هو موقف منظمة العفو من المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء؟
نناضل من أجل عالم يستطيع كل شخص فيه أن يتمتع بحقوق الإنسان، بغض النظر عن الأوضاع المحيطة به. وقد رفعت منظمة العفو راية الحقوق الإنسانية للاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين لعقود من الزمن.
وننظم الحملات كي نضمن احترام الحكومات لمسؤولياتها المشتركة في حماية حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين. وندين أية سياسات وممارسات تقوِّض حقوق من رحلوا عن بلدانهم.
البشر ليسوا هم المشكلة
يتوزع ما يقرب من 35.3 مليون لاجئ في أرجاء العالم كافة. ويشعر العديد من الأشخاص بأن ثمة طوفاناً يجتاحهم بسبب أعداد هؤلاء، ويرون في انتقال الأشخاص عبر الحدود أزمة عالمية. ولكننا، في منظمة العفو الدولية، لا نوافق على أن الأزمة هي أزمة أعداد. فالبشر ليسوا هم المشكلة. وإنما في الأسباب التي تدفع العائلات والأفراد إلى اجتياز الحدود، وفي قصر نظر السياسيين وطرائقهم غير الواقعية في الرد على ذلك.
النضال من أجل من رحلوا عن أوطانهم
نقوم عند تنظيمنا لحملاتنا بممارسة الضغوط على الحكومات كي لا تتنصل من مسؤوليتها عن حماية حقوق كل فرد. إذ عليها أن تضمن سلامة اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين، وعدم تعرضهم للتعذيب أو للتمييز، أو تركهم فريسة للفقر المدقع.
ونناضل من أجل تقيُّد الحكومات بالإجراءات اللائقة في البت في طلبات اللجوء، حتى لا تترك طالبي اللجوء في جحيم من التيه – وحتى لا تحتجزهم وراء أبواب موصدة في مراكز الاحتجاز، ولسنوات أحياناً. ونود كذلك أن نرى الحكومات تحمي المهاجرين من الاستغلال والانتهاكات على أيدي أصحاب العمل أو المتجّرين بالبشر.
الفرد الذي نختزله وراء الوسم
لكل إنسان أكثر من هوية واحدة. وتعابير “لاجئ” و”مهاجر” و”طالب لجوء” ليست سوى تعريفات مؤقتة؛ وهي لا تعكس الهوية الكاملة للنساء والأطفال والرجال الذين غادروا ديارهم لبدء حياة جديدة في بلد جديد.
وعندما نستعمل هذه الوسمات، علينا أن نتذكر أن من بين الطرق العديدة التي يصف الناس فيها أنفسهم، لا تشير هذه التعابير إلا إلى تجربة واحدة: تجربة مغادرة أوطانهم. ولكن هويات هؤلاء الأشخاص تنطوي على أشياء أخرى كثيرة.
إن معظم الأشخاص الذين يسعون إلى العيش في غير موطنهم يشعرون أن تجربة مغادرة بلدانهم لا تعبر بالكامل عمن يكونون. فمثلنا جميعاً، هم حالة مركبة وفريدة من البشر، وقد يختارون التعريف بأنفسهم على أنهم من بلد أو إقليم معين، أو ممن ينتمون إلى مجموعة تتكلم لغة أو تتقاسم ثقافة مشتركة بعينها. أو ربما يصفون أنفسهم بأنهم معلمون أو أطباء أو فنانون أو مشجعون متحمسون لكرة القدم أو آباء أو إخوان أو أبناء أو أمهات.
ومن غير الممكن اختزال هوية اللاجئ أو طالب اللجوء أو المهاجر بكليتها في وضعه القانوني. ومن غير الممكن أبداً التعريف بشخص بالحديث عن مجرد كونه لاجئاً بحكم وضعه القانوني.
لماذا ينبغي أن ترحب الحكومات باللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين؟
- نود أن نعيش في عالم يتيح الفرصة لمن يواجهون الخطر الجسيم كي يعيدوا بناء حياتهم بأمان.
- ففي عالم بات كل شيء فيه معولماً، غدا تقاسم المسؤولية العالمية عن القضايا العالمية الشيء النزيه الوحيد الذي تبقى لنا.
- والمجتمعات المضيفة تستفيد بلا شك من الطاقة الهائلة والاندفاعة اللتين ترافقان مساعي بناء الحياة الجديدة التي يجلبها هؤلاء معهم.
- والترحيب بأشخاص قادمين من بلدان أخرى يقوّي المجتمعات المضيفة عبر التنوع واكتساب المزيد من المرونة في عالم يتغير بوتيرة سريعة.
- وبعض أكثر الناس إبداعاً وتأثيراً في مجالات الفنون والعلوم والسياسة والتكنولوجيا هم من اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين. فحيث أتيح لهم أن يعيدوا بناء حياتهم في بلدانهم الجديدة ازدهرت مواهبهم واحتلوا مكانتهم كأفراد في مجتمعاتهم الجديدة.

ماذا يمكنك أن تفعل؟
ادعم حملاتنا لمساعدة اللاجئين!
بإمكانك الانضمام لحركة الأشخاص الذين يرحبون باللاجئين. إذ تدعو حملة مرحباً بكم، التي ترعاها منظمة العفو، الحكومات على نطاق العالم بأسره إلى أن تسهم بحصتها على نحو نزيه في الترحيب بالأشخاص الذين يطلبون السلامة في العالم. فبوجود ما يكفي من الإرادة السياسية، يستطيع قادتنا حماية من يفرون من النزاعات والاضطهاد، بما في ذلك عبر حل إعادة التوطين.
كما ندفع الأمور في اتجاه اتباع طرق آمنة أخرى لبدء اللاجئين حياة جديدة، من قبيل لم شمل العائلات التي تم الفصل بين أفرادها، وعبر تبني مجموعات مجتمعية لعائلات اللاجئين كي تنتقل إلى البلاد، ومن خلال منح الجامعات ومؤسسات الأعمال تأشيرات دخول للأشخاص كي يبدأوا حياة جديدة.
ولا ينبغي أبداً أن تجبر الحكومات أحداً، في أي وقت من الأوقات، على العودة قسراً إلى بلد يمكن أن يتعرض فيه لخطر انتهاكات حقوق الإنسان. وعوضاً عن ذلك، ينبغي أن يُوفر للاجئين مكان آمن للسكن وفرصة للعمل والتعليم والحصول على الرعاية الصحية.

احتضان المجتمع المحلي للاجئين
باستطاعتك، إذا ما كان لدى حكومة بلدك برنامج للتبني، الانخراط في الرعاية المجتمعية للاجئين. حيث تحشد المجتمعات المحلية طاقاتها لجمع التبرعات بغرض إعادة توطين العائلات والأفراد الفارين من أوطانهم، وللترحيب بهم.
تعرّف على المزيد
القوانين المتعلقة بالمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء
تحظى حقوق المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء بالحماية من قبل القانون الدولي، بغض النظر عن طريقة وصول هؤلاء إلى بلد ما، أو سبب ذلك. ولهؤلاء الحقوق نفسها التي للآخرين، إضافة إلى أشكال خاصة ومحددة من التدابير الحمائية الخاصة بهم، بما فيها:
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 14)، التي تنص على أنه لكلِّ فرد حقُّ التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتُّع به خلاصًا من الاضطهاد.
- اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين المبرمة في 1951 (والبروتوكول الملحق بها لسنة 1967)، اللذان يوفران الحماية للاجئين من أن يعادوا إلى بلدان يمكن أن يتعرضوا فيها لخطر الاضطهاد
- الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم لسنة 1990
- المعايير القانونية الإقليمية الخاصة باللاجئين (بما فيها اتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية لسنة 1969، وإعلان كارتاخينا لسنة 1984، والنظام الأوروبي العام للجوء- نظام دبلن).